بوصلة القراءة | ماهر دعبول




بعيدًا عن رومانسيات الكلام والعواطف الجياشة والوقوف على أطلال الماضي الفكري العربي والإسلامي والتاريخ الحضاري لشعوبنا،  
علينا أن نبحر قليلًا في خضم البحث عن عيوب وثغرات مجتمعاتنا.

لن أطيل المقدمة وسأوجز، لأن من يفتح مقالة فكرية أو سياسية قد لا يقرأها لطولها، ويقضي جل يومه في قراءة "النكت" ومشاهدة المقاطع المضحكة.  
سأختصر فقط لأجلك أنت، علك تقرأ...

القراءة هي ذاك النشاط الذي يهدف لكسب المعرفة، وتهذيب الخلق، وتطوير وتوسيع المدارك.  
وتعد القراءة نشاطًا إنسانيًا تواصليًا.

متى بدأ العرب القراءة حقًا؟

بدأ العرب القراءة عند النهوض الأول والوثبة الكبرى والقفزة الحضارية النوعية مع "اقرأ" ومع دين "اقرأ" ومع الكتاب المنزل، كلام الله، القرآن الكريم.

وبعدها تفجرت فيهم ينابيع الحضارة والعلوم، وكانوا قادة للخلق والخُلق.  
فكان فيهم الخطيب البغدادي الذي ما كان يمشي إلا وفي يده جزء يطالعه.  
ويقال إن الجاحظ لم يقع بيده كتاب إلا استوفى قراءته، حتى إنه كان يكتري دكاكين باعة الكتب ويبيت فيها للمطالعة.

فالقراءة هي النجاة من معتقل الجهل الذي وضعنا أنفسنا فيه منذ قرون.  
فمن المؤلم أن تجد مسلمًا في عصرنا، وفي وسط كل الاقتتال السني الشيعي، وهو لا يعرف الفرق بين السنة والشيعة!  

ومؤلمٌ أن تجد مسلمًا يقرأ في كل صلاة سورة الإخلاص ولا يعرف معنى "الصمد"، وأن تجد عربيًا لا يعرف سبب تسميته بالعربي، ومسلمًا لا يعرف سبب تسميته بالمسلم.

وكل هذا عنوان بسيط يدل على جهلنا بالتاريخ والدين واللغة والعلوم والأدب وحتى أصول التربية، ومن المؤسف أن ترى هذا عند فئة المتعلمين أيضًا.

فأكبر جريمة اجتماعية عندما اتُهِمَت القراءة بأنها هواية شخصية، حتمًا ليست هواية، فالقراءة فعل حياة ونشاط نهضة شخصية ومجتمعية.

صرحت آخر الدراسات أن "متوسط القراءة في الوطن العربي ربع صفحة للفرد سنويًا، بينما تصل معدلات القراءة في أميركا إلى 11 كتابًا للفرد سنويًا، وفي بريطانيا إلى سبعة كتب."  
إنها نكسة حقيقية ومرض عضال، فكيف النجاة؟

النجاة في أن تبدأ القراءة اليوم والآن...

أن تختار كتابًا لكل شهر، أن تقرأ في التاريخ والدين والعلم والأدب.  
اشترِ كتابًا أو استعره.  
اقرأ من هاتفك أو من جهازك المحمول.

أرجوك اقرأ...

لتصير القراءة فعلًا اجتماعيًا جماعيًا، وأن يخرج المثقفون عن صمتهم ليسيروا الحملات ويدعموا ركب القراءة، لتنطلق بنا قافلة القراءة إلى واحة النجاة.

بوصلة القراءة  

لافتة ثقافية

بقلم: ماهر دعبول


1 تعليقات

أحدث أقدم