لكل شيء قصة، للكون قصته وللإنسان قصته في خلقه وسعيه وموته وللنملة قصتها وللهدهد قصته ولنا قصصنا..
فكل شيء حولنا له قصة فنحن نعيش في كون كبير من القصص.
أزمان وأماكن متعددة والكثير من الشخصيات والأحداث.
لذلك عاش الإنسان ومن يوم أدم الأول يسرد القصص ليتذكر وليتفكر وليعلم ويتعلم..
القصة القصيرة أو الأقصوصة هي نوع أدبي عبارة عن سرد حكائي نثري أقصر من الرواية..
وتهدف إلى تقديم حدث ضمن مدة زمنية قصيرة ومكان محدود غالباً لتعبر عن موقف أو جانب من جوانب الحياة.
والقصة في اللغة هي الخبر وقال الله تعالى في كتابه الكريم:
(فاقصص القصص لعلهم يتفكرون)
الفروقات بين القصة القصيرة والرواية
حتى نفهم القصة القصيرة بشكل جيد يجب أن نفهم أكثر الفنون قرباً منها وهو فن الرواية وأهم ما تشترك الرواية به مع القصة القصيرة أنهم سرد حكائي.
الفروقات بين القصة القصيرة والرواية:
1. الطول:
-وهو فارق أولي وليس جوهري لأنه نتيجة وليس سبب.
والعرف الأدبي يوشك أن يستقر على أن الحد الأقصى للقصة القصيرة هو ثلاثون صفحة والحد الأدنى خمس صفحات.
والقصة التي تقل عن خمس صفحات هي أقصوصة.
الطول في الرواية بالطبع هو أكثر من أربعون صفحة وغير محدد النهاية.
2. الزمن والمكان:
الزمن هو محور اختلاف رئيسي بين الرواية والقصة.
- الرواية تتناول قطاع كامل من المجتمع، وقد تستوعب داخلها أكثر من شريحة، لترصد ما يجري عبر فترة زمنية طويلة نسبياً "شهر، سنة، عدة سنوات".
- القصة القصيرة الفنية الحديثة، قد تصور موقف يستغرق دقائق، ساعات، يوماً كاملاً وفي العادة لا يمتد فيها الزمن ليماثل نظيره في الرواية.
3. الشخصيات:
- الرواية ترصد حياة جماعة من البشر في زمن ما وتحرص على أن ترسم بالتفصيل صورهم وملامحهم الجسمانية، والنفسية والعقلية وإمكاناتهم الاقتصادية والثقافية وظروف معيشتهم وتتوقف عند سلوكهم في مواقف مختلفة وتتابع التطور التاريخي للشخصيات الرئيسية.
- القصة القصيرة معنية بشخصية واحدة أو على الأكثر شخصيتين في موقف بسيط ولا تتطرق لكل الجوانب الخاصة بالشخصيات.
4. الأحداث:
- الرؤية الفسيحة للرواية تنتج تعدد الأحداث في صورة تركيبية بعضها يفضي إلى بعض، صاعدة من البسيط إلى المعقد وتشارك الشخصيات كلٌ حسب أهميته في صنع ودفع عجلتها لتشكل عالم الرواية الكبير.
- القصة القصيرة: لا تحمل غير حدث واحد، وقد تكتفي بتصوير لحظة شعرية نتجت من حدث تم بالفعل أو من المتوقع حدوثه ولا يدهش القارئ إذا انتهى من القصة ولم يعثر بها على حدث.
5. البناء:
- البناء هو الشكل.
- وهو ما نطلق عليه أحياناً المعمار الفني.. ويمكن أن يكون المعمار الفني في القصة مماثلاً للرواية.
- القصة يبدأ بناءها من أول كلمة وليس بالإمكان قول ذلك عن الرواية.
6. اللغة:
- في الرواية يكون لدى كاتب المتسع والمساحة الكافية كي ينتقي العبارات الطويلة ليصور ويصف المشاهد فيصف البحر والغروب والسماء ويصور الحالات النفسية للشخصيات ويدخل في أعماق الشخصيات لصفحتين أو أكثر.
- أما القصة القصيرة فهي مكثفة إلى أقصى درجة لا حشو فيها ولا تكرار وتأكيد وليس هناك مجال لاستعراض ثروة الكاتب اللغوية.
7. المكان:
تعدد الأحداث وتنوعها وتغير الأزمنة يؤدي بالتأكيد لتعدد الأماكن ولا محدوديتها في الرواية وكما يؤدي إلى أن المكان في القصة أكثر تحديداً وأقل تنوعًا.
8. الأسلوب:
الأسلوب هو التقنية الفنية والتكتيك الذي يستعين به القاص في طرح فكرته.
في الرواية يحتاج الكاتب لأساليب فنية تتغير بتغير الموضوع والشخصيات والأحوال ليستطيع التعبير والدخول في العالم الفسيح والعريض.
وفي القصة القصيرة قد يستخدم القاص تقنية واحدة أو اثنتين من تلك التقنيات وهو لا يستطيع استخدام الكثير من التقنيات لأنها مرتبطة بحدث بسيط..
خصائص القصة القصيرة
1. مبدأ الوحدة:
أي أن كل شيء فيها يكاد يكون واحداً، فهي تشتمل على فكرة واحدة تتضمن حدثاً واحداً وشخصية رئيسية واحدة ولها هدف واحد وتخلص لنهاية منطقية واحدة تستخدم في الأغلب تقنية واحدة وتترك لدى المتلقي أثراً وانطباعا واحداً.
2. مبدأ التكثيف:
لأن الهدف واحد والوسيلة واحدة، فلا بد من التوجه مباشرة نحوهما مع أول كلمة في القصة، والتكثيف الشديد مطلوب لتحقيق أعلى قدر من النجاح للقصة القصيرة.
3. الدراما والحبكة:
يقصد بالدراما في القصة القصيرة خلق الإحساس بالحيوية والديناميكية، وحتى لو لم يكن هناك صراع خارجي ولم تكن هناك سوى شخصية واحدة.
يجب أن تثير القصة في القارئ منذ أول كلمة رغبته في استطلاع ومعرفة ما يجري وأن يترقب ويتلهف لقراءة السطور التالية.
الأسلوب الفني الذي يصهر كل عناصر القصة في نسق جمالي مبهر" كالبداية الساخنة والشخصية الحية، الصراع الداخلي، المفاجئة المقبولة والمنطقية.
إذا لم يكن هناك تشويق في القصة، لن يكون لها قراء.
بقلم: ماهر دعبول