أن يحدث زلزال في مدينتك وأنت انسان عادي هذا أمر مرير وأن تكون سوري هذا أمرٌ أكثر مرارة.
حدث الزلزال في يوم 6 شباط 2023 والذي أعتبر أنا أحد الناجين منه، حدث الزلزال فجأة دون أن نتوقعه وما زاد في رهبته أنه حدث فجراً والناس نيام، كان أشبه بكابوس طويل واهتزت الأرض وسمعنا صوت الأرض المخيف الذي لا أجيد وصفه حتى الآن، اختلف الناس في ردود فعلهم بعد الهزة، البعض هرب وآخرون لم يجدوا الوقت للهرب كانت جدران منزلهم الدافئة أكثر فتكاً مما توقعوا وهوت بهم.
بلغت قوة الهزة الأرضية 7.8 لكن الموضوع لا يقاس بالأرقام، بل يقاس بصرخات الأطفال والنساء الخائفين، بلحظات الهلع والخوف والموت والفقد، عندما تكون في قلب الزلزال لن تفكر على أي درجة هي من مقياس ريختر، كل ما ستفكر به هو كيف تنجو أنت وعائلتك وأكثر ما تخشاه هو ألا تخونك جدران منزلك.
بعد 20 يوم من الهزة الأرضية والتي مازالت حتى اليوم تترافق مع هزات ارتدادية تمنعنا من نسيانها وتثير القلق في نفوس الناس، نعيش مع صور كبيرة من الفاجعة التي لا ندري كشعب كيف نتعامل معها، لقد تخفت المأساة في لا شعورنا بسبب تجاهلنا لها محاولين استعادة توازننا لكن وبالرغم من تجاهلنا للألم الذي يعتصر قلوبنا لكنه بقي موجوداً ويؤثر فينا.
خلف الزلزال أكثر من 50 ألف ضحية وملايين المتضررين في سوريا وتركيا والكثير من ضحايا الزلزال حتى اليوم يتلقون العلاج الطبي وما يزال الحياد يخيم على البيوت المفجوعة.
السوريون...
عاش السوريون هذه الكارثة بكل مرارتها والتي عاشوا معها الخذلان، فشعرنا أننا وحدنا وكأن موت السوري أمر طبيعي اعتاد العالم عليه.
عاش السوريون هذه الكارثة وعاشوا معها العنصرية التي وجهت لهم والجرائم العنصرية التي اقترفت بحقهم من قبل الإعلام والكثير من العنصريين الأتراك، فقط تخيل أن بعض الأتراك قالوا إن السوريين هم سبب الزلزال وتعرض الكثير من السوريين لحوادث اعتداء من عنصريين أتراك.
عاش السوريون هذه الكارثة وعاشوا معها استغلال الدول لمعاناة الناس وألمهم لتمرير مشاريعهم السياسية الخاصة متجاهلين أكثر من 12 عام من المعاناة ومليون ونصف شهيد.
ربما انتهت الهزة الأرضية ولن تعود قريباً لكن المعاناة لم تنته، السوريون يعانون وسبب معاناتهم يعرفه الجميع هو شخص يبتسم ويقف على أنقاض بيت تهدم لطفلة تطلب المساعدة.
الأثار النفسية والاجتماعية للذي حصل خلال الأعوام الماضية كبيرة ولم نستطع تجاوزها حتى اليوم وما فاقم الأمر مرارة هو هذا الزلزال الذي لم ندرك حتى الآن كيف نتخطاه.
هناك ضوء ما في هذا الظلام،
كل الأيادي البيضاء التي نبشت بين الركام عن قلب ينبض عن أنين يبحث عن الحياة وهم الدفاع المدني وكل من تطوع.
والقلوب البيضاء والذين سارعوا بالعمل لمساعدة الناجين وهم المنظمات والفرق المحلية الذين كانوا يعملون كخلية نحل للاستجابة وتخفيف الألم.
المتطوعون، كأن الشعب كله تطوع، شعر كل من لم يتضرر بالمسؤولية حيال هذا المصاب فتطوع الناس، بعضهم تطوع للإنقاذ والبعض تطوع لإيصال الغذاء والحاجات الأساسية وأساليب عديدة للعمل والمساعدة ومن لم يستطع تطوع بالدعاء.
والضوء الأخير هم المتبرعون الذين قدموا ودعموا دون أن ينتظروا الشكر والثناء وهم دول قليلة وأفراد كثر.
ربما انتهى الزلزال لكن المعاناة لم تنته...
كلام رائع كعادتك دوماً أ. ماهر...الحمدلله على سلامتكم و كان الله في عوننا🌼🌿
ردحذفجميل جدا صديقي
ردحذف